الأحد، 22 ديسمبر 2013

واو الثمانية

واو الثمانية:

هي عند من قال بها: واوٌ تلحق الثامن من العدد، فيقولون: واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية، إشعارا بأن السبعة عدد كامل وما بعدها عدد مستأنف(1).
قال ابن هشام: " واو الثمانية: ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه، ومن المفسرين كالثعلبي..." (2)
واستأنس أبو الحسن الرماني بشواهدها وذكر أن علي بن عيسى الربعي كان يصحح القول بها(3). كما ذهب الثعالبي إلى أن "واو الثمانية مستعملة في كلام العرب"(4).
وعليه فإن من جملة من أثبتوها: ابن خالويه (370هـ)، والرماني (384هـ)، وعلي بن عيسى الربعي (420هـ)، والثعلبي (427هـ)، والثعالبي (429هـ) ، والحريري (516هـ)، وغيرهم.
وقد استدلوا على واو الثمانية بأربع آيات:
الأولى: قوله تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾(5)
والثانية: قوله تعالى: ﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾(6).
والثالثة: قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ(7)
والرابعة: قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾(8)، لأن أبواب الجنة ثمانية، في حين أنه لما ذكر جهنم قال: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾(9) لأن أبوابها سبعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الجنى الداني 167، ومغني اللبيب 4/391،
 وفقه اللغة 395، ومعاني الحروف 64.
(5) التوبة 112.
(6) التحريم 5.
(2) مغني اللبيب 4/390.
(7) الكهف 22.
(3) معاني الحروف 64.
(8) الزمر 73.
(4) فقه اللغة 395.
(9) الزمر 71.


واستدلالاتهم مردودة، تصدى لها وفندها العديد من أهل العلم كابن هشام والمرادي والمالقي وابن القيم والعلائي الدمشقي وغيرهم.
فالواو في قوله تعالى: ﴿الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ عاطفة، جاءت للربط بين الأمر والنهي وهما متقابلان بخلاف بقية الصفات(1)، أو لأن الآمر بالمعروف لا يخلو من أن يكون ناهيا عن المنكر، والعكس صحيح، فأحدهما يتضمن معنى الآخر، فجيء بالواو للاعتداد بكليهما معا وعدم الاكتفاء بأحدهما لتضمنه معنى الآخر(2)
والواو في قوله تعالى: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ واو عطف، ولا يصح إسقاطها في هذا الموضع بتاتا؛ لأنها واقعة بين صفتين متنافيتين هما الثيوبة والبكارة، ولا يصح اجتماعهما معا في آن واحد، في حين أن المراد من بقية الأوصاف اجتماعها كلها في النساء(3)
والواو في قوله تعالى: ﴿سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ جاءت لتصديق القول الثالث وهو أن عدة أهل الكهف سبعة، وعليه فهي إما عاطفة والعطف من كلام الله تعالى تصديقا لقولهم: سبعة، والتقدير: نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم(4)وإما استئنافية إيذانا بانتهاء كلامهم عند قولهم سبعة، وابتداء كلامه تعالى بعدها، وهو يتضمن تقرير قولهم سبعة، " كما إذا قلت: ((زيدٌ كاتب))، فقال المخاطب: ((وشاعر))، فإنه يقتضي إثبات الكتابة له وزيادة وصف الشعر(5) ". 
والواو في قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ إما عاطفة، أو مقحمة كما مر سابقا، أو واو الحال دلالة على أن أبواب الجنة "إنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكراما لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم(6) ". في حين أن الواو لم تأتِ عند الحديث عن أبواب النار، دلالة على أن تفتيح أبوابها كان "حال موافاة أهلها، ففتحت في وجوههم؛ لأنه أبلغ في مفاجأة المكروه(7) ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الجنى الداني 168. والمغني 4/395.

(2) انظر: المغني 395، والفصول: 144، وبدائع الفوائد 3/918.

(3) انظر: الجنى 169. والمغني 4/397. والكشاف 6/160. وبدائع الفوائد 3/918.

(4) المغني 4/391.

(5) بدائع الفوائد 2/666، و3/919.

(6) المغني 4/394.

(7) بدائع الفوائد 3/919.